الإتحاد المغربي للشغل
النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
أرضية بناء الملف المطلبي و البرنامج النضالي
1 ـ تقديـــم
عرف قطاع الفلاحة بالمغرب تعاقب السياسات الفلاحية الطبقية للحكومات المتعاقبة على السلطة منذ 1956 إلى اليوم، وهي لا تخرج عن نطاق ما تم تسطيره خلال مرحلة الإستعمار الذي استهدف تحويل أراضي الفلاحين الجماعية إلى ملكية رأسمالية يسيطر عليها المعمرون، وذلك بسن مجموعة من القوانين لانتزاع أٍراضيهم والسيطرة على الغابات (ظهير 1916 الخاص بالإشراف الإداري على الغابات) وأراضي الجموع والسلالية (ظهير 1919 الخاص بالإشراف الإداري على الأراضي الجماعية)، من أجل بناء مشاريع فلاحية رأسمالية موجه للتصدير (البواكر والحوامض والكروم)، إضافة إلى فرض إثبات الملكية عن طريق التسجيل والتحفيظ العقاري لضرب حقوق الفلاحين الصغار في ملكية الأراضي التي يستغلونها أبا عن جد.
وهكذا تمت السيطرة على أراضيهم الخصبة بجل سهول البلاد وتحويلها إلى ضيعات فلاحية تستعمل فيها الوسائل العصرية لضخ المياه الجوفية منذ الأربعينات من القرن 20، مما جعل الفلاح الصغير والفقير غير قادر على استغلال أراصيه المتبقية له بالوسائل التقليدية خاصة مع تعاقب سنوات الجفاف الشيء الذي يضطر معه إلى بيعها للمستثمرين الرأسماليين، وتحويل جل الفلاحين الصغار والفقراء إلى عمال زراعيين بالضيعات ومعامل التلفيف بعدما فقدوا ملكية أراضيهم.
و في أوائل الخمسينات من القرن 20 هب الفلاحون الصغار والفقراء لمواجهة السياسة الإستعمارية الطبقية القديمة بعد تأسيس جيش التحرير بالبوادي والمقاومة بالمدن ورفع السلاح في وجه الإستعمار القديم، إلا أن طبقة البورجوازية الكومبرادورية بالمدن سيطرت على السلطة وتحولت إلى أداة لقهرهم من جديد، بعدما تحولت إلى طبقة المعمرين الجدد لأراضيهم واستمرار الإقطاع في استغلال الأراضي التي سيطر عليها بدل إرجاعها إلى أصحابها الشرعيين، وتم تكثيف استغلال ما تبقى من الأراضي الجماعية والسلالية من طرف الملاكين العقاريين الكبار وبالتالي تكثيف استغلال الفرشة المائية واستغلال ونهب الثروات الغابوية ومحاصرتهم في تجمعاتهم السكنية.
2 ـ النتائج الكارثية للسياسات الفلاحية الطبقية الجديدة على الفلاحين الصغار والفقراء
وتبخرت المطالب الأساسية لحركة التحرر الوطني المغربية التي قادها الفلاحون الصغار والفقراء التي تجلت في وضع سياسة فلاحية تستهدف تنمية أحوالهم لكونهم ساهموا بشكل كبير في طرد الإستعمار القديم، ومطالبتهم بنهج سياسة فلاحية ديمقراطية تتجلى فى "الإصلاح الزراعي" من أجل تطوير الإمكانيات المتاحة في المجال الفلاحي خاصة في السهول الخصبة الشاسعة والتي استولى عليها المعمرون، لتحويلها إلى مجال للمساهمة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية بالبوادي المغربية، هذا المطلب الأساسي الذي عرف فيما بعد تزييفا من طرف المسيطرين على السلطة السياسية والإقتصادية والذين سعوا إلى وراثة المشاريع الفلاحية التي خلفها الإستعمار والتي أقيمت على أراضي الفلاحين الصغار والفقراء عبر:
ـ تركيز مؤسسات " صوديا " و"صوجيتا" الفلاحية والصناعية التابعة للدولة لمنع أي محاولة لاسترجاعها من طرف أصحاب الأرض الشرعيين.
ـ تزييف مفهوم "الإصلاح الزراعي" بالسهول في النصف الأخير من السبعينات من القرن 20 عبر تأسيس مشاريع فلاحية مزورة، تستهدف تكبيل قدرات الفلاحين الصغار والفقراء و محاصرتهم من أجل فسح الطريق أمام مزيد من الإستيلاء على أراضي الجموع والأراضي السلالية من طرف الملاكين العقاريين الكبار.
وحاولت وزارة الفلاحة الإحتيال على الفلاحين الصغار والفقراء لإيهامهم بأنه هناك بالفعل رغبة في تطوير حياتهم عبر إقامة ما يسمى ب "التعاونيات/المشاريع الفلاحية" التي رفضها هؤلاء، وعملت الوزارة على تنظيم بعض الحرفيين في "تعاونيات فلاحية لأغراض زراعية" تستهدف توفير بذور القمح لشركة "سوناكوس" وكانت مشاريع كارثية من خلال :
ـ تدمير غابات أركان بسهل سوس من أجل توفير الأراضي لإقامة هذه المشاريع الملغومة بعد أن امتنع الفلاحون الصغار والفقراء عن تفويت أراضي الجموع والأراضي السلالية لهذا الغرض.
ـ إثقال كاهل الفلاحين الصغار والفقراء "الجدد" بالديون خدمة للمشروع الإستثماري الرأسمالي الذي يستهدف توفير القمح بأقل التكاليف لشركة "سوناكوس".
ـ تحميلهم أعباء تربية الأبقار لتوفير اللحوم والألبان بابتداع نوع آخر من "التعاونيات" المتمثلة في "تعاونيات الحليب" لتزويد تعاونية "كوباك" بالحليب، التي وصلت اليوم أوجها في تجارة الحليب ومشتقاته وبالتالي تصنيع عصير الفواكه و توفير اللحوم الحمراء، والتي تم إنشاؤها على قاعدة استغلال الفلاحين الصغار والفقراء(13 ألف فلاح) بالمشاريع الفلاحية المغشوشة وتوريطهم في ديون القرض الفلاحي باقتناء الأبقار وشراء الأعلاف من التعاونية لتوفير الحليب.
وتجربة الفلاحين الفقراء بمشروع "أمل النجاح" بتازمورت بتارودانت خير دليل على السياسة الطبقية الفلاحية بسوس، حيث تم نزع أراضي 10 عائلات من أصل 60 عائلة وترحيلها من مساكنها بعد عجزها عن أداء فواتير استهلاك مياه الري، مع العلم أن الأراضي التي يشتغل بها والمنازل التي بناها هؤلاء الفلاحون لم يتم تفويتها لهم رغم أنهم استغلوها لمدد تتراوح بين 20 و 28 سنة.
فسقط الفلاحون الصغار والفقراء في دوامة شراء البذور من شركة "سوناكوس" بأثمان باهظة و زرعها وسقيها و حصدها ونقلها إلى مقر الشركة التي تعمل على انتقائها وشراء الأجود منها بأبخس الأثمان وشراء الأعلاف من تعاونية "كوباك" لتوفير الحليب للتعاونية، والديون تتراكم عليهم فأصبحوا عبيدا بين أيدي شركة "سوناكوس" وتعاونية "كوباك" وديون القرض الفلاحي المتراكمة عليهم، وثقل تكاليف السقي الذي يتم عبر شراء مياه الري من المكاتب الجهوية للإستثمار الفلاحي وجمعيات السقي.
ويتم استغلال الفلاحين الصغار والفقراء كطبقة عاملة زراعية بدون حقوق حيث يعمل جميع أفراد الأسرة بالمشاريع الفلاحية الملغومة والدواوير المهمشة لتوفير القمح والحليب لتعاونيات "كوباك" وشركة "سوناكوس" لصالح الملاكين العقاريين الكبار، في ظل الغموض الذي يشوب أعمال وأموال التعاونيات والمشاريع الفلاحية وجمعيات الماء الصالح للري وخير دليل على ذلك :
ـ ما لحقهم جراء مرض الأبقار بالسل وإرغامهم على بيعها عن طريق التعاونيات بأثمان بخسة.
ـ الغموض الذي يشوب مداخيل التعاونيات/المشاريع الفلاحية المغشوشة وهو 5% من المحاصيل ودعم الدولة والمنظمات الدولية (جميع تعاونيات الحليب التابعة لتعاونية "كوباك").
ـ ما يشوب جمعيات السقي من خروقات وفساد إداري ومالي ونهب المال العام (جمعية أولوز و جمعية الرزاكنة).
ـ عدم إستفادتهم من عائدات المشاريع الإستثمارية حيث يعيشون في تجمعاتهم السكنية في ظروف تنعدم فيها شروط العيش الكريم.
ويبقى المستفيد الأول والأخير من قوة عمل الفلاحين الصغار والفقراء هم المسيطرون على شركة "سوناكوس" التي عرفت فضائح واختلاسات مالية ما زالت ملفاتها غامضة، وتعاونية "كوباك" التي بلغ رأسمالها ملايير الدراهم على حساب عرق ودم الفلاحين الصغار والفقراء وثقل كاهلهم بالديون، من أجل تراكم الأموال في أيدي أقلية من الملاكين العقاريين الكبار المعفيين من الضرائب ومن أداء فواتير الماء الصالح للري، والذين يتهافتون وراء الربح الوفير وتراكم الأموال على حساب استغلال العاملات و العمال بالضيعات ومعامل التلفيف والتعاونيات الفلاحية وعلى رأسها "كوباك" وجمعيات السقي.
وعرفت تعاونية "كوباك" تحولا هائلا منذ 2001 حيث تجاوز رأسمالها السقف المحدد للتعاونيات وتجاوزت أنشطتها الأهداف المسطرة لها كتعاونية فلاحية من المفروض أن تحترم حقوق المساهمين فيها خاصة الفلاحون الصغار والفقراء، وذلك نتيجة سيطرة الملاكين العقاريين الكبار عليها.
إن سياسة ما يسمى ب"الإصلاح الزراعي" قد استهدفت ضرب مصالح الفلاحين الصغار والفقراء عبر:
ـ ابتلاع أراضي الجموع والأراضي السلالية التي يتم الإستيلاء عليها عن طريق الجماعات المحلية وممثلي الجماعات السلالية وممثلي وزارة الداخلية.
ـ القضاء على الغابات بالسهل (غابة أركان بسوس) لتوفير الأراضي الخصبة من أجل بناء ضيعات الحوامض والبواكر والكروم في اتجاه تصديرها إلى الخارج.
ـ تفويت المؤسسات الوطنية الفلاحية والصناعية من ضيعات ومعامل التلفيف (صوديا وسوجيتا).
فكانت لهذه السياسة آثار كارثية على الفلاحين الصغار والفقراء وذلك بابتلاع أراضيهم التي تم تفويتها للملاكين العقاريين الكبار بصفة نهائية في 2005 بعد تحرير عقود الملكية لهم بتواطؤ مع النقابات، وكان للإستغلال المفرط للفرشة المائية بالمضخات الكهربائية أثر كبير على هبوط مستوى المياه الجوفية إلى حد لا يمكن معه للفلاحين الصغار والفقراء الحصول على مياه الري، الشيء الذي له تأثير كبير على عدم التوازن في الدورة المائية مما يساهم في تعميق آثار الجفاف نتيجة قلة التساقطات المطرية ونضب العيون والسواقي بالسهل والجبال، مما دفع وزارة الفلاحة إلى ابتداع مشروع ملغوم جديد سمي ب"جمعيات السقي" التي استنزفت ما تبقى من عرق ودم الفلاحين الصغار والفقراء، وإغراقهم في وحل ديون القرض الفلاحي إلى حد بيع ممتلكاتهم من أجل توفير المياه للملاكين العقاريين الكبار الذين يتملصون من أداء ديونهم المترتبة عن استغلال المياه.
لم يسلم الفلاحون الصغار والفقراء بالجبال من السياسة الفلاحية الكارثية لوزارة الفلاحة خاصة بالمناطق التي بنيت بها السدود (سدي أولوز والمختار السوسي بتارودانت مثلا)، حيث يتم تهجيرهم قسرا بعد نزع ملكية أراضيهم وممتلكاتهم بدون تعويض يصون كرامتهم وحرمانهم مما تبقى لهم من أراضي الجموع والسلالية والمناطق الغابوية من أجل توفير المياه لمشاريع الملاكين العقاريين الكبار بالسهل وخلق محميات بالغابات لتفويتها لهم، وبالتالي السيطرة على أراضيهم القريبة من منابع المياه حيث الفرشة المائية في مستوى مرتفع (المناطق القريبة من سد أولوز)، ويتم اليوم حبك مشروع ملغوم جديد قديم يسمى "جمعيات السقي" على طول الوديان والسهول من أجل:
ـ استغلال مياه السدود لبيعها للفلاحين الصغار والفقراء بضفاف الواديان (سهل سوس مثلا) عبر ما يسمى بجمعيات مستخدمي المياه للأغراض الزراعية، حيث من المنتظر أن يهبط مستوى المياه الجوفية بهذه المناطق بسبب المشاريع الإستثمارية الرأسمالية الجديدة للملاكين العقاريين الكبار.
ـ توفير مياه الري عبر السواقي لمشاريع الملاكين العقاريين الكبار بالمناطق البعيد عن السدود بعدما تم تدمير الفرشة المائية بتلك المناطق (ساقية أولوز ـ سبت الكردان).
وللسياسة الفلاحية الطبقية الجديدة أثر كبير على البيئة وذلك من خلال ما يتميز به مناخ بعض المناطق شبه الصحراوية (سوس ـ ماسة ـ درعة) و الصحراوية (منطقة كلميم و طاطا)، الشيء الذي يتطلب احترام مكوناتها الخصوصية في مجال البيئة وخاصة منها الغطاء النباتي من شجر وعشب عند إدخال أي تغيير أثناء استغلال الموارد الطبيعية الشيء الذي لم يتم احترامه و ذلك:
ـ بتدمير الأشجار ذات الخصوصيات المحلية والوطنية (شجرة أركان بسوس) لتوفرها بكثافة بالسهل لما لها من دور هام في الحفاظ على التوازن الطبيعي للفرشة المائية، لما تتمتع به من مقاومة لمواسم الجفاف بامتصاص المياه من أعماق الأرض مما يساعد على ارتفاع مستوى المياه الجوفية، حيث أن هكتارا واحدا من الحوامض يحتاج من الماء ما يحتاجه 25 هكتارا من غابة أركان التي توفر مساحات شاسعة للزراعة يستفيد منها الفلاحون الصغار و الفقراء، الذين يتم اليوم حرمانهم من استغلال هذه الأراضي التي يسيطر عليها الملاكون العقاريون الكبار (منطقة بوضماض بالكلالشا بتارودانت).
ـ بتجاوز معايير استغلال المياه الجوفية التي يتم تدميرها بواسطة المشاريع الفلاحية الرأسمالية للملاكين العقاريين الكبار (هبوط مستوى الفرشة بسوس إلى أكثر من 200 متر )، مما جعل الفلاحين الصغار والفقراء عاجزين عن الحصول على المياه بعد هبوطها نتيجة الإستغلال المفرط بضيعات الحوامض والبواكر والكروم.
ـ بخرق مبدأ الأرض لمن يحرثها بعد حرمان الفلاحين الصغار و الفقراء منها الذين ورثوها أبا عن جد وهم اليوم يفتقدونها بعد هجوم الملاكين العقاريين الكبار عليها (أراضي الجموع التي تبلغ 12 مليون هكتار لعدد السلاليين البالغين اليوم 9 ملايين نسمة).
ـ بالحط من هوية وكرامة الفلاحين الصغار والفقراء أصحاب الأرض الذين يتم تهجيرهم يوما عن يوم وابتلاع أراضيهم من طرف الملاكين العقاريين الكبار.
وما تعانيه شجرة "أركان" بالسهل تعانيه نبتة "الشيح" بالجبال حيث يتم تدميرها لتصنيعها وتصديرها دون ضوابط قانونية تحافظ على البيئة وتصون الحقوق الطبيعية للفلاحين الصغار والفقراء، كما هو الشأن بالنسبة لشجرة "العرعار" و"الأرز" و نبتة "الزعفران" بتالوين التي يتم استغلالها من طرف مافيا التجار وغيرها التي تتعرض للنهب من مافيا تجارة الخشب وغيرها.
إذا كانت الأشجار والأعشاب الطبيعية لم تسلم من الإستغلال الوحشي للرأسمال فإن الأرض كذلك لم تسلم من مخلفات هذه السياسة الطبقية عبر:
ـ تدمير خصوبة الأراضي بقوة استغلالها التي استمرت لأزيد من 60 سنة خاصة في المناطق التي أقامها المعمرون (منطقة سبت الكردان بتارودانت) التي تأثرت بفعل المواد الكيماوية للأسمدة، وتعتبر مشاريع الموز من أخطر ما يهدد خصوبة الأراضي والتي نراها اليوم في انتشار مستمر في الوقت الذي يتم فيه التحذير من خطورتها.
ـ تلويث الأرض عبر المواد السامة التي تطرحها المعامل والأسمدة التي تجعلها غير صالحة للزراعة وتلوث المياه الجوفية، وجل معامل التلفيف المنتشرة بالسهول لا تحترم مواصفات المحافظة على البيئة الطبيعية (معامل تعاونية "كوباك" بأيت إيعزا).
وتعاقبت المخططات الحكومية على قطاع الفلاحة منذ فشل مطلب حركة التحرر الوطني المغربية في الحق في "الإصلاح الزراعي" وتنمية البوادي، ويحل علينا اليوم ما يسمى مخطط "المغرب الأخضر" الذي لا يخرج هو الآخر عن دائرة تنمية الرأسمال على حساب جهود الفلاحين الصغار والفقراء، وهو يحمل بداخله ألغام تريد تحويل الفلاح الصغير والفقير إلى أداة في يد الملاكين العقاريين الكبار لخدمة الرأسمال في أفق القضاء على هذه الطبقة الحيوية في المجتمع المغربي.
3 ـ الملاحظات الأولية لتداعيات مخطط "المغرب الأخضر" على الفلاحين الصغار والفقراء
خلال المناظرة الأولى للفلاحة المنعقدة بمكناس في 04 نونبر 2011 حول السياسة الفلاحية الجديدة تم تقديم الخطوط العريضة لمخطط "المغرب الأخضر" الذي وضعه خبراء مكتب الدراسات الدولي ماكنزي. وبعد تقديم الخطوط العريضة للمخطط الفلاحي الجديد تم تنظيم مائدتين مستديرتين تم فيهما عرض شهادات لبعض التجارب التي اعتبرها المنظمون ناجحة في القطاع الفلاحي بالمغرب، كان الغرض من ذلك هو التأكيد على أهمية الانخراط في تعاونيات أو شركات أو تنظيمات مهنية مدعومة من الملاكين العقاريين الكبار حسب استراتيجية السياسة الفلاحية الجديدة، لضمان الحصول على موقع في الأسواق المحلية والخارجية التي يسيطر عليها الملاكون العقارييون الكبار، واتخذت المناظرة نموذج تعاونية كوباك بتارودانت كأنجح مشروع.
و بالمقابل تم الوقوف معاناة الفلاحين الصغار الذين يعانون من انسداد الأفق أمامهم نتيجة غلاء تكاليف الإنتاج وضعط سياسة الإنفتاح و تحرير السوق التجارية العالمية، وتم توظيف معاناة الفلاحين الصغار خلال المناظرة للتأكيد على ضرورة تحولهم إلى زراعات متنوع بديلة ذات قيمة عالية وتنظيمهم في تعاونيات وجمعيات يقودها الملاكون العقاريون الكبار كما هو الشأن في تجربة "كوباك".
و ارتكزت المناظرة على دعامتين أساسيتين :
الأولى : تنمية الفلاحة ذات القيمة المضافة العالية والإنتاجية المرتفعة وتتطلب استثمارات تبلغ 10 ملايير درهم في السنة.
الثانية : حث الفلاحين الصغار على الانخراط في مشاريع تهدف إلى تحولهم عن الحبوب إلى زراعات ذات قيمة مضافة عالية مما يتطلب استثمارات تبلغ ما بين 15 و20 مليار درهم على مدى عشر سنوات.
أولا : إحداث وكالة وطنية للسهر على تنفيذ وتتبع هذه المشاريع.
ثانيا : التعاقد لإنجاز 16 مخططا جهويا و8 عقود برامج (الإتفاقيات المبرمة في فاس حول المشاريع الجهوية).
ثالث : استغلال 700 ألف هكتار من الأراضي التابعة للدولة.
رابعا : الانخراط في خوصصة تدبير الماء من خلال تفويت القطاع.
و خلصت المناظرة إلى ما يلي :
ـ دعوة الحكومة إلى دعم هذه السياسة الفلاحية الجديدة ب50 مليار درهم من الميزانية العامة/ أموال الشعب على مدى عشر سنوات.
ـ دعوة الفلاحين الصغار إلى التحول عن زراعة الحبوب إلى زراعات ذات قيمة مضافة عالية.
4 ـ أرضية الملف المطلبي و البرنامج النضالي
إن القراءة الأولية لمطط "المغرب الأخضر" ومضامين "المناظرة الأولى للفلاحة" تقودنا إلى الخلاصات التالية:
1 ـ فشل السياسات الفلاحية للحكومات المتعاقبة على السلطة في المغرب منذ 1956 إلى يومنا هذا و هي سياسات طبقية همشت الفلاحين الصغار.
2 ـ الإنعكاسات السلبية للأزمة المالية والإقتصادية العالمية والإتفاقيات الدولية لتحرير السوق التجارية العالمية على الملاكين العقاريين الكبار بالمغرب الفاشلين في مجال المنافسة في السوق التجارية العالمية.
3 ـ رغبة الملاكين العقاريين الكبار في السيطرة على ما تبقى للفلاحين الصغار من أراضي ومنابع المياه.
4 ـ تحويل الفلاحين الصغار إلى منعشين لمشاريع الملاكين العقاريين الكبار عبر احتواء تعاونياتهم وجمعياتهم والسيطرة على أموالها و تحويلها إلى مشاريع تجارية كما هو الشأن بالنسبة لتعاونية "كوباك" بتارودانت.
5 ـ إستعباد الفلاحين الصغار والفقراء وامتصاص عرق جبينهم من أجل جخروج الملاكين العقاريين الكبار من أزماتهم المالية نتيجة الأزمة المالية العالمية.
6 ـ ضرب عامة الشعب المغرب في قوته اليومي الذي يعتمد فيه على القمح كغذاء أساسي بحث الفلاحين الصغار على التحول عن زراعة هذه المادة الحيوية.
7 ـ تكثيف استغلال الفلاحات الفقيرات اللواتي تعملن طول النهار في المزار بدون أجر ولا ضمان اجتماعي ولا تأمين ولا عطلة.
إن السياسة الفلاحية الطبقية الجديدة ما هي إلا وسيلة من أجل التغاضي عن الوقوف على الأسباب الحقيقية للتخلف الذي يعانيه قطاع الفلاحة نتيجة السياسات الطبقية المتبعة والتي همشت الفلاحين الصغار والفقراء والمتجلية فيما يلي:
1 ـ مسؤولية المكاتب الجهوية للإستثمار الفلاحي
ـ الهيمنة على تعاونياتهم الفلاحية و الغابوية و جمعيات السقي.
ـ حرمانهم من الدعم أثناء الكوارث الطبيعية (الجفاف و الفيضانات).
ـ حرمانهم من الدعم المخصصة لهم وطنيا و دوليا.
ـ التخلي عن مسؤولياتها في التكوين و التأطير.
2 ـ مسؤولية إدارة المياه و الغابات
ـ إنتزاع حقوقهم في الثروات الغابوية.
ـ محاصرتهم في تجمعاتهم السكنية في الجبال بدعوى التحديد الغابوي.
ـ حرمانهم من الرعي بإنزال الغرامات المالية عليهم.
ـ حرمانهم من الحق في الأغراس المدعومة من طرف الدولة.
3 ـ مسؤولية إدارة التجهيز
ـ حرمانهم من دعم مشاريعهم (السواقي، الطرق).
ـ السيطرة على منابع المياه (السدود) و التحكم في مياه الري.
ـ حرمانهم من الحق الطبيعي في الماء بسافلة السدود.
ـ حرمانهم من الحصول على المياه الجوفية (حفر الآبار).
4 ـ مسؤوليات السلطات المحلية
ـ تدخل السلطات المحلية في شؤون تعاونياتهم و جمعياتهم و عرقلة عملها.
ـ السيطرة على أراضي الجموع و الأراضي السلالية.
5 ـ مسؤوليات المجالس القروية
ـ نهب أموالهم عبر استغلال المشاريع المخصصة لدعمهم.
ـ نهب أموالهم عبر استغلال ما يسمى بالجمعيات التنموية لخلق مشاريع وهمية.
ـ إعتبارهم أرقام انتخابية للوصول إلى المجالس محليا وجهويا ووطنيا.
ـ السيطرة على أراضيهم وتفويتها إلى شركات صناعية.
6 ـ مسؤولية وكالة المحافظة العقارية و المسح العقاري
ـ تعقيد مساطير التحفيظ.
ـ التماطل في منح دفاتر التحفيظ.
7 ـ مسؤولية وكالات الحوض المائي
ـ السيطرة على الماء خاصة في السدود.
ـ حرمانهم من الحق الطبيعي في الماء.
8 ـ مسؤولية البنوك
ـ إثقال كاهلهم بقروض القرض الفلاحي.
ـ نهب أموالهم عبر ما يسمى بالقروض الصغرى.
9 ـ مسؤولية باقي المؤسسات
ـ إدلالهم والحط من كرامتهم عند قضاء أغراضهم بالإدارات العمومية.
ـ تهميشهم في تجمعاتهم السكنية ونشر الأمية و الجهل في صفوفهم.
ـ حرمانهم من الضمان الإجتماعي وباقي الحقوق الشغلية.
تشكل النقاط التسعة المشار إليها أعلاه أهم الركائز الأساسية التي يجب أن يرتكز عليها الملف المطلبي والبرنامج النضالي لنقابتنا، حيث أن الفلاحين الصغار و الفقراء و المهنيين الغابويين محرومون من جميع الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية رغم أنهم الطبقة المنتجة التي يرتكز عليها اقتصاد البلاد.