تعتبر السدود مشاريع
سيادية منذ ما يسمى في السبعينيات من القرن الماضي سياسية السدود التي كانت تهدف لسقي
مليون هكتار حسب زعم الدولة، إلا أنها في واقع الحال مشاريع للسيطرة على أراضي الفلاحين
الصغار والمهنيين الغابويين فكان سد أولوز خير دليل على ذلك، وقد خبرت النقابة الفلاحية
مأساة أهل أوزيوة ـ 11 دوارا ـ تم تهجيرهم في ظروف غير إنسانية وبتعويضات هزيلة تحط
من كرامتهم، فكان نضالهم سببا في تأسيس هذه النقابة التي انتشرت عبر البلاد وخبرت مشاكل
الفلاحين الصغار والمهنيين الغابوية ودور المضاربات العقارية في عرقلة التنمية بالبوادي.
ومازالت نفس السياسات
الطبقية التي ترعى مصالح البورجوازية التجارية والملاكين العقاريين الكبار ـ نموذج
سهل سوس ـ مستمر عبر السيطرة على أراضي الجموع باستغلال نواب الجماعات الذين تعينهم
السلطات وتسخرهم لتبرير نهب أراضيهم، وبالتالي إقامة مشاريع فلاحية رأسمالية كبرى عليها
وتمويلها بالقروض ودعم صناديق كبرى وعلى رأسها صندوق "مخطط المغرب الأخضر"،
والسيطرة على مياه السدود وجلبها لهذه المشاريع الفلاحية الكبرى ـ نموذج ساقية الكردان
ـ واستغلال الفلاحين الصغار في سافلة السدود عبر ما يسمى جمعيات مستعملي المياه المخصصة
للأغراض الزراعية وشركات توزيع المياه ـ نموذج شركة أمانسوس لصاحبها وزير الفلاحة.
ولم تقف سياسة السدود عند هذا الحد بل تم ابتكار نموذج مشاريع مضارباتية في ما يسمى
سدود سياحية ـ نموذج سد تودغى ـ هذا المشروع الملغوم الذي عرف خروقات خطيرة عبر:
ـ عملت السلطات وعلى
رأسها عامل تنغير عبر رئيس الدائرة وقائد قيادة أيت هاني والشيخ ونواب الجماعات السلالية
وعلى رأسها جماعة تمتتوشت، بتفويت 96 هكتارا للاستغلال الموقت ـ بناء إدارة شركة سطام
ومستخدميها والوعاء العقاري للسد ـ الذي يصبح نهائيا مع نهاية أشغال السد، دون أن يتم
إشراك السكان عبر جمعية نوابهم التي لا توجد أصلا حيث تم التحايل على القانون بفرض
النواب الذين عينتهم السلطات مدى الحياة.
ـ ضم أراضي الفلاحين
الخاصة إلى أراضي الجموع من أجل فرض صفة الجماعة على الوعاء العقاري المعني بمشروع
السد، وبالتالي التصرف فيه بشكل انفرادي استعدادا لتفويت كل أراضي الجموع للمضاربين
العقاريين في مجال السياحة والتعمير بدءا بمنح شركة العمران 200 هكتارا لفتح المجال
أمام كل المضاربين العقاريين.
ـ التدليس في عملية
التعرضات التي تم فيها استغلال رئيس جماعة أيت هاني في غفلة من الفلاحين الصغار والمهنيين
الغابويين المستهدفة أراضيهم.
ـ عدم إشراك الفلاحين
الصغار والمهنيين الغابويين في عملية الإحصاء وتحديد أسعار الأرض مع العلم أن المشروع
كما سماه عامل تنغير"سد سياحي"، مما يعني أن قيمة الأرض يجب أن تكون مرتفعة
ومتفاوض عليها.
ـ عدم إشراك الفلاحين
الصغار والمهنيين الغابويين في فكرة المشروع في حد ذاته والذي تم تسطيره من فوق حسب
مصالح المضاربين العقاريين، مما أوقع عامل تنغير في ورطة بتجاوزه مفعول مفهوم الشراكة
بين الدولة والجماعة والسكان في مثل هذه المشاريع الحساسة، الشيء الذي يؤكد النية المبيتة
للسلطات التي تهدف إلى السيطرة على أراضيهم وترحيلهم وبناء مشاريع سياحية وهمية لا
تبث بصلة بتنمية منطقتهم.
ـ استعمال العنف
لترحيل المهنيين الغابويين في مجال الرعي من المنطقة المخصصة لأشغال السد في شروط لا
إنسانية وانتهاكات لحقوق الإنسان، هؤلاء المهنيون الذين يشكلون الغالبية العظمى في
الجماعات الأربع لقبيلة أيت مرغاد ـ قبيلة المقاوم التي قادها الشهيد زايد أحماد ـ
وتمتتوشت معقله.
ـ اختيار موقع سد
تودغى بدل ما كان مخطط له في 1986 وتغيير هدف السد من الفلاحي إلى السياحي مما يعني
إقصاء الفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين من الاستفادة من المشروع، الشيء الذي زاد
في توسيع بعد المسافة بين مصالحهم ومشروع عامل تنغير المدافع عن مصالح الملاكين العقاريين
الكبار.
ـ التدليس في إعلان
المشروع عبر وسائل الإعلام الاجتماعية في نقطتين فقط اسم المشروع وقيمته المالية المحدد
في مبلغ 40 مليار سنتم، مما جعل الفلاحين بتمتتوشت يبحثون عمن ينورهم ويضيء لهم الطريق
لصيانة حقوقهم فكانت نقابتنا ملاذا آمنا لهم وتم تأسيس المكتب الإقليمي بتنغير بجماعة
أيت هاني في أبريل 2017، ليبدأ شوط محموم من الهجوم على الفلاحين الصغار والمهنيين
الغابويين عبر شن هجمة شرسة من طرف السلطان بتنغير ومن يدعمهم على النقابة الفلاحية.
في هذه الشروط تم
الشروع في أشغال البناء من طرف شركة سطام والفلاحون يتساءلون عن موقعهم في المشروع
وحقوق الجماعات السلالية، وشكل التنظيم النقابي الفلاحي بعد نشره لمجموعة من الصور
والفيديوهات الحوارية مع الفلاحين والفلاحات وتنوير الرأي العام والسكان بالمشكل القائم،
نظمت ساكنة تمتتوشت في 15 نونبر 2017 مسيرة احتجاجية نحو موقع أشغال السد والاعتصام
هناك مطالبين بحقوقهم المشروعة:
ـ توقفت أشغال السد
التي تسببت للشركة في مشاكل مالية حسب ادعاءاتها 40 مليون سنتم يوميا وإصرار الفلاحات
والفلاحين المعتصمين ـ أزيد من 800 معتصم ومعتصمة ـ على تحقيق مطالبهم أو الموت في
أراضيهم.
ـ هجوم السلطات وعلى
رأسها عامل إقليم تنغير على الكاتب العام الإقليمي لنقابتنا محملا إياه مسؤولية إقامة
الاعتصام ومطالبته بفكه.
ـ رفض عامل تنغير
طلب قابتنا بالحوار والتفاوض على مطالب الفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين مهددا
الكاتب العام الإقليمي لنقابتنا بفض الاعتصام أو الاعتقال.
ـ رغم الترهيب والوعيد
والتهديد والمساومة والمناورة وتسخير المتطفلين على تنظيمات حقوق الإنسان تزايد إصرار
الفلاحين والفلاحات على التشبث بمطالبهم المشروعة وحقهم في الأرض والماء والثروات الطبيعية
لكل البشر.
ـ في يوم الأربعاء
06 دجنبر 2017 قرر عامل تنغير تنظيم يوم تواصلي مع المعتصمين بمقر شركة سطام بالسد
بحضور ممثل وزارة الماء حضره الأطر الوطنية للنقابة الفلاحية، الذين تدخلوا لطرح الإشكاليات
القانونية والحقوقية والمطالب المشروعة للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين:
ـ مطالبة المحافظ
العام بفتح باب التعرضات الاستثنائية نظرا لثبوت عملية التدليس التي شابت تحديد الوعاء
العقاري للسد، مما نتج عنه ضم أراضيهم الخاص بالأراضي الجماعية من طرف السلطات بتنغير،
مما يسقط مشروعية أشغال الشركة التي يعتبرها الفلاحون الصغار والمهنيون الغابويون محتلة
لأراضيهم ومعتدية على حقوقهم.
ـ رفض تمثيلة نواب
الجماعات الذين تم تنصيبهم من طرف السلطات لتسهيل عملية التدليس والسيطرة على أراضيهم
الجماعية والفردية وتفويتها للمضاربين العقاريين، والمطالبة بتأسيس جمعياتهم النيابية
ديمقراطيا ومحاسبة المتلاعبين بحقوق الجماعات السلالية بقبيلة أيت هاني وأيت مرغاد،
وعلى رأسهم عامل تنغير ورئيس الدائرة وقائد قيادة ورئيس جماعة أيت هاني على تجاوزاتهم
في هذا المشروع المغشوش.
ـ رفض مشروع السد
السياحي وبناء سد فلاحي يضمن حقوقهم المشروعة في استغلال المياه المخصصة للأغراض الزراعية
في مشاريعهم على أراضيهم الجماعية، التي يجب أن يتم توزيعها عليهم وبناء مشاريع فلاحية
تنموية عليها بتمويل من صندوق مشاريع مخطط المغرب الأخضر.
ـ محاسبة رئيس جماعة
أيت هاني على تلاعباته بالمشاريع التنموية المخصص ب"المبادرة الوطنية للتنمية
البشرية" وعلى رأسها مشروع الماء الصالح للشرب بتمتتوشت.
وثارت ثائرة عامل
تنغير الذي هدد المناضلين من نقابيين وشباب تمتتوشت بالاعتقال معلنا انسحابه من الاجتماع
بشكل لا يتم بصلة بمسؤول إقليمي من المفروض عليه وهو الذي اختار طريق الحوار أن يصغي
للجميع بشكل لبق ويحترم كرامة المواطنين.
ولم يقف عامل تنغير
عند هذا الحد بل قام بدفع شركة سطام ل:
ـ تسجيل دعوى قضائية
بابتدائية ورزازات ضد سبعة من الفلاحين تطالبهم فيها بفك الاعتصام وتحميلهم خسائره
الموهومة وهي المحتلة الحقيقية لأراضيهم.
ـ تسجيل شكاية بالنيابة
العامة ضد الكاتب العام الإقليمي لنقابتنا وسبعة من الفلاحين تحملهم مسؤولية تنظيم
الاعتصام بمكان أشغالها.
إنه أسلوب العهد
الجديد الذي يتخذ القوانين وسيلة لضرب حقوق الفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين وصيانة
حقوق الملاكين العقاريين الكبار من أجل السيطرة على أراضي الجموع.
وقد قامت نقابتنا
بتوجيه مضمون هذا البيان إلى الأمين العام للبرلمان الأوربي ورئيس لجنته الحقوقية من
أجل تحميله مسؤولية عبر الدعم المقدم لما يسمى مخطط المغرب الأخضر.
في 15 نونبر
2017، خرج 1000 فلاح من تمتتوشت، أغلبهم نساء، في مسيرة شعبية في اتجاه ورش المشروع،
وسيطروا عليه وأوقفوا الأشغال. السلطات الإقليمية بتنغير ترفض التفاوض مع نقابتنا،
وقام عامل الإقليم باستفزاز الكاتب العام الإقليمي لنقابتنا، زايد تقريوت، زعيم النضال
ضد نهب المال العام بالمنطقة وشن عليه هجوما بنشر صك اتهامات ضده.
استمر الاعتصام الذي
نظمه الفلاحون، وجلهم نساء، 57 يوما.
في 10 يناير
2018 وعلى الساعة السادسة صباحا، قام 1000 من أفراد قوات القمع بالسيطرة على مكان الاعتصام،
وفي التاسعة صباحا نظم الفلاحون وجلهم نساء مسيرة في اتجاه السد، وتم اجتثاثها بالقوة،
واعتقال 11 فلاحا من بينهم فلاحة وتقديمهم بابتدائية ورزازات ومتابعة 6 منهم في حالة
اعتقال و5 في حالة سراح.
في 11 فبراير
2018 تم اعتقال الكاتب العام الإقليمي لنقابتنا، زايد تقريوت، وإحالته على ابتدائية
ورزازات ومتابعته في حالة اعتقال.
في 05 فبراير
2018 تم إصدار حكم جائر في حقهم :
ـ سنة سجنا نافذا
في حق الكاتب العام الإقليمي زايد تقريوت.
ـ 10 أشهر سجنا نافذا
في حق 6 فلاحين معتقلين.
ـ 5 أشهر سجنا موقوف
التنفيذ في حق 5 فلاحين متابعين في حالة سراح من بينهم فلاحة.
ـ غرامة مالية قدرها
2000 درهم لكل واحد منهم.
ـ في 07 مارس
2018 أقرت استئنافية ورزازات نفس الإدانة مع تخفيض شهرين سجنا ل6 معتقلين، 8 أشهر بدل
10، و1000 درهم غرامة بدل 2000 درهم للجميع. وهذه لائحة المعتقلين:
ـ زايد تقريوت، مزداد
في 1963، أب لثلاثة أولاد.
ـ باسو أرهو، مزداد
في 1978، أب لخمسة أولاد.
ـ إبراهيم زعبيط،
مزداد في 1984، أب لولد واحد.
ـ باسو موحدة، مزداد
في 1984، أب لخمسة أولاد.
ـ محمد علوط، مزداد
في 1993، أعزب.
ـ رشيد عبدي، مزداد
في 1994، أعزب.
ـ ياسين غرميد، مزداد
في 1995، أعزب.
عائلات المتزوجين
منهم في حاجة إلى دعم مالي من أجل العيش.
منذ اعتقال زعماء
حراك الريف جميع التظاهرات يتم قمعها واعتقال زعمائها ومتابعتهم، عهد جديد من القمع
الممنهج تم تدشينه من طرف الدولة موازاة مع تداعيات الحرب على سوريا، قمع مدعوم من
طرف الأجهزة المسيرة للاتحاد الأوربي، وبصفة خاصة من طرف فرنسا، بعد زيارة السيد ماكرون
للمغرب في يونيو الماضي من أجل دعم النظام بالمغرب، الذي طبق وتابع منذ ذلك الحين منطق
"الهرمكة" ضد التظاهرات واعتقال المناضلين.
إن دراسة هذا الوضع
المرير يقودنا إلى استنتاج واحد هو أن أعضاء الاتحاد الأوربي، وبصفة خاصة فرنسا، يدعمون
المضاربين العقاريين بالمغرب ضد مصالح الفلاحين، بواسطة الدعم المالي والقروض من أجل
دعم وتطبيق السياسات اللاديمقراطية للنظام بالمغرب. الشعب المغربي اليوم في أقصى مديونية
ب90 مليار دولار، بينما الملايين من اليوروهات تعبر يوميا البحر الأبيض المتوسط على
شكل صادرات الإنتاج المعدني والفلاحي والصيد البحري، دون أن يستفيد منها الفلاحون،
وهم يجدون أنفسهم اليوم مطرودين من أراضيهم، بواسطة سياسة جد عنصرية، الأبارتايد.