تتويجا لتأسيس المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للفلاحين
الصغار والمهنيين الغابويين بجهة سوس ماسة درعة بأكادير يوم الأحد 09 شتنبر 2012،
إنعقد يوم السبت 22 شتنبر 2012 أول نشاط جماهير لنقابتنا بمقر الإتحاد المغربي
للشغل بمراكش وهو عبارة عن ندوة صحفية حول "ملف دوار توزونين" بقيادة
أمسكرود إقليم أكادير إدوتنان، الذي يقع بجبال الأطلس الكبير ويعتصم فيه الفلاحون
الصغار منذ أزيد من سنة دفاعا عن حقوقهم المشروعة في "الأراضي الجماعية"
(30 ألفا و 700 هكتارا من الأراضي الجماعية بإقليم إدوتنان من أمسكرود إلى أنزا
يتم التخطيط لاحتلالها من طرف أجهزة المياه والغابات) وضد نهب أراضيهم من طرف
"شركة متخصصة في صناعة الإسمنت"، التي عملت على السطو على بعض أراضيهم (
أكثر من 10 آلاف شجرة "أركان") بتعاون مع السلطات والجماعة المحلية
بأمسكرود من أجل استغلالها واجتثاث أشجار "أركان" عبر بناء "محطة
لاستخراج الكلس" لتزويد معمل شركة "إسمنت المغرب". وكانت نتائج هذا
"المشروع" كارثية على السكان بعد نزع أراضيهم بأساليب غير مشروعة
واجتثاث أشجار "أركان".
إن ما يتعرض له الفلاحون الصغار والمهنييون الغابويون
بدوار "توزونين" ما هو إلا نموذج مصغر لما تتعرض له هاتين الطبقتين بجهة
سوس ماسة درعة من تهميش وحيف وإقصاء، منذ أن سحق الإستغمار الفرنسي مقاومة
الفلاحين في 1934 وشرع في تنفيذ مخططه الإستعماري في مجال الفلاحة عبر استهداف
الأراضي الجماعية للفلاحين (أراضي صالحة للزراعة، غابات، ومراعي) وسن لذلك ظهيرين
مشؤومين (ظهير 1916 لاحتلال الغابات وظهير 1919 للسيطرة على أراضي الجموع). كان
هدف المستعمر الأساسي هو احتلال الأراضي الخصبة لإقامة مشاريعه الإستثمارية
الرأسمالية في مجال الفلاحة وتركيز نمط الإنتاج الرأسمالي لضرب نمط الإنتاج
الجماعي التقليدي للفلاحين والسيطرة على أراضيهم ومنابع المياه والصيد البحري
والمناجم (الفوسفاط،، الفحم الحجري، الكوبالت، المنغانيز...)، كل الخيرات الموجودة
فوق أراضي الجموع وتحتها (الثروات الطبيعية) تعتبر هدفا للإستعمار من أجل تنمية
إقتصاده الرأسمالي في إطار المنافسة على تقسيم العمل عالميا بين الإمبرياليات،
وتجلت هذه السياسة الإقتصادية الإستعمارية الطبقية عبر هذين الظهيرين المشؤومين فيما
يلي :
ـ تسهيل سيطرة المعمرين الفرنسيين على أراضي الفلاحين
الصغار لإقامة مشاريعهم الإستثمارية الرأسمالية الفلاحية (الحوامض، البواكر،
الكروم) الموجهة للتصدير.
ـ تحويل بعض الفلاحين الصغار إلى فلاحين فقراء (فلاحون
بدون أرض) أو عمال زراعيين بالضيعات ومعامل التلفيف التي أقامها المعمرون على
أٍراضيهم.
ـ إجتثاث غابات "أركان" (أكثر من 200 ألف هكتارا) ، حيث تتحدث
الدراسات على أن غابات "أركان" قد بلغت مساحتها بداية القرن 20 أزيد من
مليون هكتار واليوم تبلغ 800 ألف هكتار، بعد استخراج الفخم الحجري من أشجارها
للتدفئة خاصة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
ـ إحتلال أراضي الجموع القريبة من المدن لإقامة مشاريعهم العمرانية التي
تذر عليهم أموال طائلة من الريع عبر المضاربات العقارية.
ـ تركيز إستعباد المرأة الفلاحة التي تعيش في وضعية شبه إقطاعية حيث تعمل
طول السنة بدون أجر ولا عطلة ولا ضمان اجتماعي ولا تغطية صحية ولا تأمين ...
وعرفت هذه السياسة الإقتصادية الطبقية استمرارا بعد 1956 لتبلغ مداها اليوم
بعد فتح المجال للملاكين العقاريين الكبار لاحتلال أراضي الجموع بفضل الظهيرين
الإستعماريين المشؤومين.
ويأتي ما يسمى "مخطط المغرب الأخضر" لتركيز هذه السياسة الفلاحية الطبقة عبر العمل على :
ـ تحول الفلاحين
عن الحبوب إلى زراعات موجهة للتصدير لدعم الملاكين العقاريين الكبار.
ـ إرغامهم على الإنخراط
في شركات أو تعاونيات أو جمعيات يسيطر عليها الملاكون العقاريون الكبار كما هو
الشأن في تعاونية "كوباك" التي تستغل أزيد من 30 ألف فلاح صغار وفقير والذين
يمولونها.
ـ حث
الدولة على توفير 700 ألف هكتار من الأراضي لهذه المشاريع على حساب أراضي الجموع.
إن
فشل الملاكين العقاريين الكبار المغاربة في المنافسة العالمية لرأسمالية الفلاحة
جعلتهم يتوجهون إلى الفلاحين الصغار لاجتثاث ما تبقى من أراضيهم وتحويلهم إلى
فلاحين فقراء بدون أرض، هذه
السياسة التي ستعمل على تعميق الأزمة الإقتصادية التي يعرفها المغرب على جميع المستويات
مما يجعل أمام نقابتنا مهام نضالية جسيمة تتجلى أساسا في تنظيم الفلاحين لمواجهة
هذه السياسات الطبقية والدفاع عن حقهم في الأرض والماء والثروات الطبيعية.